المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهي الحالات أو الأعذار التي فيها يجوز للمصلي قطع صلاته


ابو سعود
05-05-2015, 08:50 PM
ماهي الحالات أو الأعذار التي فيها يجوز للمصلي قطع صلاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد
الصلاة ، هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وهي أول ما يسأل عنها العبد من أعمال ، وهي العمل الوحيد الذي افترضه رب العزة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم أسرى به ، وهي خمس صلوات وأجرها خمسياً حسنة وهي وصية نبينا محمد لأخوانه من بعده حين حضره الموت ، وهي آخر عروة ستنقض ، وهي العهد الذي بيننا وبين الكفار وأهل الشرك والشقاق .
فالصلاة وما فيها وعليها ، لابد للمسلم والمسلمة المحافظة عليها بإقامتها على وجهها المطلوب وتوفر شروطها وأركانها بقدر المستطاع
وما يدور في صدر المسلم والمسلمة من قطع الصلاة وهو فيها لا يخلوا من حالتين :
سبب خارجي : كأن يكون هناك سبب ما آدى لقطع الصلاة ، ومثال ذلك كأن تصلي مع زوجتك وفجأة ، تقع على الأرض وتخرج روحها ، فهنا يقوم المسلم لهذا السبب الخاري بقط الصلاة .
سبب داخلي : كأن تصلي بمفردك ، فيأتي الشيطان ـ نعوذ بالله منه ـ ويطلب منك قطع الصلاة ، أو يوسوس لك بقطعها واعادة الوضوء وغير ذلك مما يعرفه أهل الصلاة .
وهذا السبب سواء الخارجي أو الداخلي ، قد يكون من الشيطان ليقطع على المسلم صلاته ، فهو كمن يعمل على اتحاد السبب الخارجي ليعمل على تفعيل السبب الداخلي ، فتكون النتيجة وهي قطع الصلاة ، وزعيم الحركة هو الشيطان ـ نعوذ بالله منه ـ وقد حدث هذا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ففي الحديث المتفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن عفريتاً من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه، فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، فرده الله خاسئاً."
والمسلم مع قطعه للصلاة على نوعين :

1- قطعه لصلاة الفريضة :
ومثال هذه الصلاة ، كفريضة العصر ، كمن يصلي العصر ، ثم يريد قطع الصلاة ، وهذا القطع له حالتين :
- قطع للصلاة عمداً من غير مسوغ شرعي لقطعها :
ومثال ذلك ، كأن يقط الصلاة ، لأجل أشعال النور أو اغلاق الباب ونحو ذلك ، فهذا من العبث وعدم تعظيم رب العزة
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها بلا مسوغ شرعي غير جائز باتفاق الفقهاء؛ لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال الله تعالى: { ولا تبطلوا أعمالكم } محمد 33 " ا.هـ
وقال صاحب الروضة البهية: ويحرم قطع الصلاة الواجبة اختياراً للنهي عن إبطال العمل المقتضي له إلا ما أخرجه الدليل، واحترز بالاختيار عن قطعها لضرورة كحفظ نفس محترمة من تلف أو ضرر " ا.هـ

- قطع للصلاة عمداً بمسوغ شرعي لقطعها :
كمن يصلي الظهر ، وكان بجانبه طفله الصغير ، وأمسك الطفل بالسكين الحال وقام بضرب شريانه وهو لايدي مدى حدة السكين ، فهنا يشرع للأب أن يقطع الصلاة لإنقاذ ولده وأسعافه ، بل يجب عليه ذلك
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (أما قطعها ـ أي العبادة الواجبة بعد الشروع ـ بمسوغ شرعي فمشروع، فتقطع الصلاة لقتل حية ونحوها للأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة، له أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه حية ولا يمكن تنبيهه بتسبيح " ا.هـ

الخلاصة : تبين مما سبق أن الفريضة ، إما أن يقطعها المسلم لأمر ضروري فهذا جائز وإلا فهو عبث ، وسنبين ما هو الأمر الضروري وبعض الأمثلة التي يجوز فيها القطع إن شاء الله .

2- قطعه لصلاة نافلة :
ومثال هذه الصلاة ، كصلاتك دون الفريضة ، كالركعتين بعد المغرب ونحو ذلك ، فكمن يصلي الركعتين ثم يريد قطعها ، سواء كان في أول الصلاة أو في آخرها ، فهذا القطع له حالتين :

- قطع للصلاة عمداً من غير مسوغ شرعي لقطعها :
كمن يصلي النافلة ، وأراد أن يقطع الصلاة ، لتسخين ماء الحمام ، لينتهي من الصلاة ويدخل للحمام ، فأقول :
قد اختلف العلماء في هذا القطع فمنهم من عد هذا القطع لا يجوز تبعاً للفريضة واتفاق الفقهاء على ذلك ، ومنهم كالشافعية والحنابلة قالوا بالجواز ، مع قولهم بعدم الإستحباب لقطعها
قال الإمام ابن قدامة في المغني : " وسائر النوافل من الأعمال حكمها حكم الصيام في أنها لا تلزم بالشروع ولا يجب قضاؤها، إذا خرج منها، إلا الحج والعمرة. " ا.هـ
وقال النووي رحمه الله في المنهاج: ومن تلبس بصوم تطوع أو صلاته فله قطعها ولا قضاء . "

لكن الراجح عندي هو عدم القطع إلا للضرورة ، فهذه صلاة والإنسان متصل مع ربه فكيف ينتقل لغير لأممر تافه ، ألم يقل الله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } فهذا عام في الأعمال والأمر بعدم ابطالها ، ولا يوجد صارف للإستحباب كما قال العلماء بذلك وقد ذهب الحنفية والمالكية إلى وجوب الشروع بالنفل وقالوا أن قطعها بغير عذر حرام .
قلت : هذا القول قوي وهو معتبر نقلا وعقلاً والحمد لله . وأما إذا قطع النفل فله أن يستأنف العبادة إن كانت مما يقبل الإستئناف كقطعه لصلاة نفل ، فعندما ينتهي من سبب القطع له إعادتها ويجب على الفريضة ، وأما ما لا يستطيع أن يستأنف العبادة فهو كالصيام ، فقط النافلة ، له إعادته وقضاءه إن شاء ، وأما وجوب الصيام فيجب قضاءه .
وقد ذكر الإمام النووي في المجموع 6/449 كلام هو القضاء عند قطع العبادة ونحو ذلك ، فمن أراد الفائدة فليراجعه .

- قطع للصلاة عمداً بمسوغ شرعي لقطعها :
كمن يصلي النفل ، وأراد أن يقطع الصلاة ل، لأنه سمع ابنه يستغيثه من الغرق في حوض السباحة الذي في الدار ، فهنا يجب قطع الصلاة وجوباً ، سواء كانت نافله كما هي هنا أو فريضة كما في الحالة الأولى التي تكلمنا عليها عند قطع الفريضة عمداً
وأما الدليل على هذه الحالة ، فأقول :
إذا كان في الفريضة تنقطع الصلاة لأمر ضروري فمن باب أولى أن تقطع في النفل ، وهذا استدلال من الأعلى للأدني

الخلاصة ، أن في النافلة لو كان هناك أمر ضروري على المسلم قطع الصلاة وإلا فلا .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
ما سبق قد يشكل على بعض القراء ، فأقول هنا كلام عام لما ورد سابقاً ، واذكر الراجح فقط
فأقول الصلاة سواء كان صلاة فريضة أو نفل لا يجوز قطعها إلا لأمر ضروري يسوغ للعبد قطع صلاته ، وإن قطعها من دون هذا الأمر الضروري فعليه الإثم
ولو قطعها لأمر ضروري أو لغير أمر ضروري ـ طبعا هنا عليه الإثم ـ فإن أراد أن يعيدها ننظر ، فهل العبادة تقبل الإستئناف ، فإن قبلت الإستئناف كقطعه لصلاة الفريضة ، فهنا يجب عليه الإعادة للفريضة ، وإن كانت نافلة فالأمر واسع وأرى والله أعلم الإستحباب هنا لفضيلة النافلة ، وأما إذا كانت العبادة لا تقبل كالصيام ، فنقول عليه القضاء إن كانت فريضة ، وإن كانت نافلة فالأمر واسع ، وأرى والله أعلم الإستحباب لفضيلى النافلة وأنها تقرب إلى الله ، فكيف لا نحب أن نتقرب إلى الله ، فتأمل .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ

وأما الضرورة التي يحق لك القطع لأجلها هي كالتالي :

1- وجود مفسدة عظيمة تعلوا المصلحة .
2- الهلاك أو بتر أحد الأعضاء ، يقيناً
3- الظن الغالب على الحرج الشديد والمشقة .

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ

وأما الأامثلة لقطع الصلاة هي كالتالي :
- قتل الحية والعقرب .
- خوف ضياع المال
- إغاثة الملهوف
- الضرر القريب
تنبيه : هناك أمور فقهية أخرى تجيز أو توجب قطع الصلاة وهي محل خلاف بين الفقهاء .

وقد ورد شئ يدل على ما سبق من الأمر التي تقطع الصلاة وابعض الأخر من قبل مقاصد الشريعة ونحو القراءة والإستقراء الشرعي للعلل
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب. " رواه الإمام أحمد وأبو داود
وجاء في كشاف القناع: (ويجب رد كافر معصوم بذمة أو هدنة أو أمان عن بئر ونحوه كحية تقصده كرد مسلم عن ذلك بجامع العصمة، ويجب إنقاذ غريق ونحوه كحريق فيقطع الصلاة لذلك فرضاً كانت أو نفلاً، وظاهره ولو ضاق وقتها لأنه يمكن تداركها بالقضاء بخلاف الغريق ونحوه، فإن أبى قطعها لإنقاذ الغريق ونحوه أثم وصحت صلاته). ا.هـ
وقال العز بن عبد السلام: " تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة. ومعلوم أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك " ا.هـ قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: قاعدة في الموازنة بين المصالح والمفاسد/ المثال الثامن

مسألة : كيف اقطع الصلاة ، هل اسلم كسلام انتهاء الصلاة أو اخرج منها هكذا .
أقول الراجح عندي هو عدم التسلم والخروج من الصلاة من دون أي عمل ، وهذا القول قوي وهو بخلاف من قال أن عليه السلام .
لكون أقول لا دليل على السلام ولكن الدليل أقرب لما أرجح ، وذلك لأن السلام لا يشرع إلا عند انتهاء الصلاة انتهاء شرعي يبدأ ، فتبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسلم ، للحديث " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " والقاطع هنا بعيد عن أمر التسليم وعليه أن يخرج كمن يصيب أنفه بعض الدم فيمسك أنفه ويخرج من الصلاة كما جاء في بعض طرق الأحاديث وهذا الصواب ا شاء الله .

مسألة : فإن قيل يا أبا تيميه ، هون عليك ، فقد علمت أن عمر بن الخطاب طعن وهو يصلي فلماذا تقدم أحد الصحابة وصلى بالناس ولم يقطعوا الصلاة ، لأجل إمامهم ، أليس هذا القطع يكون من باب الضرورة ، وللدفاع عن أميرهم وحفظ نفسه وصونها .
أقول قد فعل هذا بعض الصحابة ، وقد خرجوا من الصلاة وعندما أرادوا الإمساك به قتل نفسه اللعين ، وبذلك تعلم ما دام أن الأمر يكتفي يهم فلا يلزم أن يقطع جميع المسلمين لمثل هذا الأمر ، فهو كفرض الكفاية ، فالخطاب عيني ثم ينتقل كفائي وقد قام به بعضهم وكفوا المصلين .
مع التنبيه على أن منهم من لم يدري بما حدث ، وهذا الأمر يطيل بينانه ولكن ما ذكرته يكون كافيا ان شاء الله
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وأسأل الله أن يمن علينا بالتوبة والإخلاص

اصيل عبس
05-12-2015, 07:46 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك